حل درس النثر العباسي اللغة العربية 5 ثانوي

عرض بكامل الشاشة

البيانات

 النثر العباسي

 

1- ملامح عامة عن النثر العباسي :

يعد العصر العباسي الأول من أزهى العصور التي تطور فيها النثر بشكل ملحوظ، وقد امتزجت فيه الثقافات الأجنبية كالفارسية واليونانية والهندية بالعقلية العربية، فشكلت عاملا من عوامل ازدهار النثر، بالإضافة إلى نمو العلوم العربية والإسلامية.

وقد استطاع الكتاب أن يطوعوا النثر ويجعلوا منه فنا تجتمع فيه تلك الآداب والعلوم والمعارف، فيغدو أدبا جديدا ذا طابع خاص، ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا معرفة الأسس التي يمكن أن يكون بها الكلام بليغا فكان علم النحو والبلاغة والنقد وصناعة الإنشاء.

وقد قويت الكتابة بأنواعها المختلفة. ومنها: الكتابة الأدبية الشمولية، و القصص التي ظهرت مترجمة عند ابن المقفع ومؤلفة عند الجاحظ، والرسائل الديوانية، والمناظرات، والعهود والوصايا والتوقيعات، والرسائل. ومن أشهر کتاب هذا العصر : ابن المقفع، والجاحظ، وسهل ابن هارون، وعمرو بن مسعدة، وإبراهيم الصولي، ومحمد بن عبد الملك الزيات، وأبو حيان التوحيدي.

۲- أسلوب النثر العباسي : 

للنشر العباسي مساران بارزان هما :

1) أسلوب السجع : حيث مال إلى استخدامه بعض الكتاب ، حتى أصبح سمة لما يصدر عن الدواوين من رسائل وتوقيعات، ومن أشهر من ابرز عنده هذا الأسلوب ابن العميد الذي أحتكم إلى السجع وبعض فنون البديع الأخرى في كتاباته .

ولم يكد ينتهي العصر العباسي الأول حتى ظهر في النثر الأهتمام بالزخارف اللفظية المتمثلة في المحسنات البديعية التي بدأت مقبولة في أول الأمر؛ لقلة التكلف، كما عند ابن العميد والصاحب بن عباد وأبي إسحاق الصابي، وبديع الزمان الهمذاني، لكن تلك المحسنات سيطرت على أذواق الكتاب منذ ذلك الحين، وصارت هدفا لذاتها دون أن تكون وسيلة موسيقية للتعبير عما في النفس من مشاعر، وتكلفوا في طلبها وتطبيقها على حساب المعاني والأفكار

۲) أسلوب الترسل : وهو أن يأتي الكاتب بكلامه مرسلا دون سجع ، ويعد ابن المقفع رائد هذا الأسلوب حيث تميزت كتابته بالوضوح والإيجاز، ثم جاء الجاحظ و تمیزت كتابته بالجدل والاستطراد والتدقيق في اختيار الألفاظ وروح الدعابة.

لما استقر الأمر لبني العباس ، وقام الموالي بسياسة الدولة ، وقيادة الجيش ضعفت الخطابة ، وقويت الكتابة. حاول أن تجد تفسيراً لضعف الخطابة ؟ 

ان العباسيين لم يطلقوا لها الحرية التي كانت تؤدي إلى قوتها و ازدهارها من قبل

أن فتزنا نثرية أخرى نافستها على مكانة

لماذا يلجا الأديب إلى المحسنات البديعية؟ ومتى تكون مستهجنة و غير مستساغة ؟ 

من الوسائل التي يستعين بها الأديب لإظهار مشاعره و للتأثير في نفس السامع و القارئ و يجعل بها الأديب أسلوبه وتكون غير مستساغة إن كانت كثيرة و متكلفة

هجر الشعراء في هذا العصر الألفاظ البدوية الجافة فهل تتوقع أن الكتاب فعلوا الشيء نفسه ؟ 

عندما قامت الدولة العباسية كانت الكتابية الفنية قد أصبحت ذات قواعد و أصول على يد عبد الحميد الكاتب و العصر العباسي هو العصر الذهبي للكتابة الفنية فقد نبغ فيه الكبار الكتاب الذين اجددوا في أساليب النثر و معانيه و فتحوا آفاقا جديدة للكتابة اتجهت الكتابة إلى السهولة

 فنون النثر العباسي ونماذج منها : 

أ- الكتابة الأدبية الشمولية :

أصبح الأدب في هذا العهد شاملا لجميع المعارف التي يتحلى بها الإنسان، وأصبح الأديب خزانة للعلم والثقافة ، ولهذا اتجه إلى التأليف في الفنون والقصص والأخبار والتاريخ والحكمة والنقد والنظريات في الفنون والعلوم، وقد اصطبغت تلك المؤلفات بصبغة الشمول والتنوع والاستطراد، ومن هؤلاء:

1) عبد الله بن المقفع ( ۱۰۹-14۲ هـ ) فارسي الأصل أتقن العربية وطار صيته في الكتابة ومن أشهر كتبه : أ- كليلة ودمنة ترجمة ابن المقفع من الفارسية إلى العربية، وهو في أصله مترجم إلى الفارسية، أما مضمونه فحكمة في ثوب خرافة، حكى فيها قصصا على ألسنة البهائم والطير تدور حول نوازع الحياة في شتى مناحيها.

ففيه أدب الملوك ، وأدب الرعية ، وأدب النفس ، وأدب الصداقة وتضمن فلسفة أخلاقية ودروسا تشريعية . ب - الأدب الكبير والصغير وهما كتابان صغيران في الحكمة

۲) الجاحظ ( ۱۰۹ - ۲۵۰ هـ ) وهو عمرو بن بحر الملقب بالجاحظ، أكب على طلب العلم في الكتاتيب ودور الوراقين ومجالس العلماء، وكانت كتبه في موضوعات شتی : في الفلسفة والاجتماع والدين والقصص، ويقال : إنها تجاوزت ثلاث مئة كتاب لم يصل منها إلا القليل القليل، أما أشهر كتبه فهي :

أ. الحيوان : وهو كتاب علم و ادب جمعه من كتب أرسطو وأشعار العرب في الحيوان وخبرته وتجاربه الشخصية، وهو علم في لباس أدب، ففيه من العلم التحري والشك والمقارنة، وفيه من الأدب قصص واستطراد وجد وهزل وتشويق، وفيه نزعة جاحظية من خفة الروح والدعابة والدقة وتخير الألفاظ والعبارة الحية القصيرة المتوثبة.

ب. البخلاء : وهو كتاب انتهج فيه سبيل القصص والفكاهة والتهكم، فيه الكثير من الخبرات الاجتماعية والاقتصادية وخصائص النفس البشرية.

ج - البيان والتبيين : هو ثاني أهم كتب الجاحظ، بعد كتابه الحيوان، ويتضمن مختارات من الأعمال الأدبية ، تحدث فيه عن مفهوم البيان وأنواعه، وآفات اللسان والبلاغة والفصاحة، والخطابة وطبقات الشعراء، وأصل اللغة وقيمة الشعر

۳) أبو الفرج الأصفهاني ( 284 - 356 هـ )  صاحب كتاب الأغاني وهو كتاب موسوعي في الأدب والتاريخ وأحد أهم المصادر الأدبية، تتبع فيه أبو الفرج حركة الغناء العربي وترجم للشعراء والمغنين ووصف القصور وما فيها من فنون وآداب، كما حفل بالأخبار والنوادر والآراء الأدبية والنقدية والفكاهات والأقاصيص التاريخية المليئة بالحياة، و تمیز أسلوبه بالروعة في التعبير وحسن التجسيد والواقعية .

- ومن هؤلاء أيضاً ابن قتيبة ( ۲۱۳ - ۲۷۹ هـ ) في كتبه : عيون الأخبار وأدب الكاتب والشعر والشعراء، وأبو العباس المبرد (۲۱۰ - ۲۸۰ هـ) في كتابه الكامل، وأبو بكر الصولي (ت 335 هـ ) في كتابه أدب الكتاب والثعالبي  ( ت 429 هـ ) في كتبه : يثيمة الدهر في شعراء أهل العصر، ولطائف المعارف، وكتاب الأمثال . 

ب- القصة :

القصص فن شديد الانتشار في الآداب العالمية، والتراث القصصي العربي دليل علي ميل العرب القطري إلى هذا النوع من الأدب، وقد نشأت القصة العربية نشوءا طبيعيا، وكانت أخبارا وأسمارا تدور حول المآثر والأيام، ثم اشتهر القصص الديني للوعظ والإرشاد ، واختلطت مصادر القصص الديني وتنوعت بين القرآن الكريم والحديث النبوي والأساطير.

أما في العهد العباسي فقد استمر القصص في انتشاره وشيوعه ؛ وذلك لشيوع الترف والرخاء، وكثرة القصاصين ، وانصراف الناس إلى هذا اللون من التسلية.

ومن أنماط القصص التي عرفها العصر العباسي : القصص الاجتماعي الأدبي كما في بخلاء الجاحظ ، وقصص الأخلاق كما في حكايات كليلة ودمنة لابن المقفع

كما عرف في هذا العصر السير والروايات الشعبية مثل : سيرة عنترة بن شداد وقصص ألف ليلة وليلة

ج- الخطابة :

وكان لها في أول العصر مكانة في النفوس؛ حيث اعتمد عليها الخلفاء والقادة في توطين الملك وترسيخ دعائمه وتحميس الجند و استقبال الوفود إضافة للخطابة الدينية

فلما قام الموالي بسياسة الدولة وقيادة الجيش ضعفت الخطابة لضعف القدرة عليها، وحلت الرسائل محلها، وقد وصل الأمر ببعض من ولي الخطابة من الأعاجم إلى استظهار خطب السابقين والخطابة بها.

د- التوقيعات :

هي ما يوقع به الخليفة أو غيره على ما يرفع إليه من شكوى أو تظلم، وكثيرا ما يكون التوقيع آية قرآنية أو حديثا نبوا أو حكمة أو شعرا، ومن أمثلة ذلك :

توقيع الرشيد إلى عامله في خراسان : «داو جرحك لا يتسع وتوقيع جعفر البرمكي لأحد العمال: «لقد كثر شكوك وقل شاکروك فإما اعتدلت وإما اعتزلتهم 

الرسائل وهي نوعان : 

١- الرسائل الديوانية : وهي ما يوجهه الخليفة أو الوالي أو الوزير أو غيرهم من رسائل في تصريف أمور الدولة ،

وكان يعين لها كتاب يتصفون بالعلم والمعرفة في علم اللغة والأدب والفقه والعلوم المختلفة، ومن هؤلاء : يحيى البرمكي كاتب الرشيد، والفضل بن سهل وأخوه الحسن وزير المامون. 

٢- الرسائل الإخوانية : وهي الرسائل المتبادلة بين الأصدقاء، كرسائل التهاني والعتاب وغيرها، ومن الأدباء الذين عرفوا بها : العتابي، ابن المقفع، وغيرهما .

نموذج من كتاب كليلة ودمنة

النص : قال دمنة للملك (الأسد) : أرى الملك قد أقام في مكان واحد لا يبرح امنه فما سبب ذلك ؟

فبينما هما في هذا الحديث إذ خار شترية ( الثور) خوارا شديدا فيهيج الأسد وكره أن يخبر دمنة بما ناله، وعلم دمنة أن ذلك الصوت قد أدخل على الأسد ريبة وهيبة .

فسأله: هل راب الملك سماع هذا الصوت؟ قال : لم يربني شيء سوى ذلك.

قال دمنة : ليس بحقيق أن يدع الملك مكانه وقد قالت العلماء : إنه ليس من كل الأصوات تجب الهيبة.

قال الأسد : وما مثل ذلك ؟

قال دمنة : زعموا أن ثعلبا أتی أجمة فيها طبل معلق على شجرة ، وكلما هبت الريح على قضبان تلك الشجرة حركتها فضربت الطبل، فمع له صوت عظيم، فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته ، فلما أتاه و جده ضخما، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم، فعالجه حتى شقه فلما رآه أجوف لا شيء فيه، قال : لا أدري لعل أفشل الأشياء أجهرها صوتا وأعظمها جثة.

فإن شاء الملك ، بعثني ، وأقام بمكانه حتی آتیه ببيان هذا الصوت ، فوافق الأسد فانطلق دمنة إلى المكان الذي فيه شتربة . فلما فصل دمنة من عند الأسد ، فكر الأسد ، في أمره ، وندم على ارسال دمنة حيث أرسله ، وقال في نفسه : ما أصبت في ائتماني دمنة، وقد كان ببابي مطروحاً ، وقد أبطلت حقوقه من غير جرم منه...، أو كان يرجو شیئا يضر الملك وله منه نفع

فليس السلطان بحقيق أن يعجل بالاسترسال إليه والثقة به والائتمان به ... ثم قام من مكانه فمشي غير بعيد فبصر بدمنة مقبلا نحوه فطابت نفسه بذلك، ودخل دمنة على الأسد فقال : ماذا رأيت ؟

نموذج من كتاب البخلاء ( الجاحظ ) 

النص : معاذة العنبرية

قال رجل من أهل مرو: لم أر في وضع الأمور مواضعها وفي توفيتها غاية حقوقها كمعاذة العنبرية ، قالوا : وما شأن معاذة العنبرية هذه ؟ قال : أهدى إليها ابن عمها أضحية . فرأيتها كئيبة حزينة مفكرة مطرقة، فقلت لها : مالك يا معاذة ؟

قالت : أنا امرأة أرملة وليس لي قيم، ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي! وقد ذهب الذين كانوا يديرونه ويقومون بحقه، وخفت أن يضيع بعض هذه الشاة ! ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها! وقد علمت أن الله لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه ! ولكن المرء يعجز لا محالة ، ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير !

أما القرن فالوجه فيه معروف، وهو أن يجعل کاخطاف ، ویسمر في جذع من أجذاع السقف ؛ فعل الزبل وكل ما خيف عليه الفار والنمل والسنانير والحيات وغير ذلك. وأما المصران فإنه لأوتار المندفة ، وبما إلى ذلك أعظم الحاجة، وأما الرأس واللحيان وسائر العظام فسبيله أن يكسر ثم يطبخ ، فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللإدام وللعصيدة ولغير ذلك ، ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها. وأما الإهاب فالجلد نفسه جراب . وللصوف وجوه لا تعد، وأما الفرث والبعر فحطب إذا جف عجیب! 

ثم قالت : بقي علينا الانتفاع من الدم، وقد علمت أن الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه، وأن له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها ، وأنا لم أقع على علم ذلك حتى بوضع موضع الانتفاع به ، صار كية في قلبي وقذي في عيني وهما لا زال يعودني؟

قال : فلم ألبث أن رأيتها قد طلقت وتبسمت، فقلت: ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم، فقالت : أجل! ا ذكرت أن عندي قدورا شاميه جددا، وقد زعموا أن لا شيء أدبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم، وقد استرحت الآن ؛ إذ وقع كل شيء موقعها

قال : ثم لقيتها بعد ستة أشهر ، فقلت لها : كيف كان قد یاد تلك الشاة؟ قالت : بأبي أنت ! لم يأت وقت القديد بعد ! لنا في الشحم والالية والعظم وفي غير ذلك معاش. ولكل شيء إبان !

 

شارك الملف

آخر الملفات المضافة