حل درس متغيرات العصر العباسي وأثرها في الأدب اللغة العربية 5 ثانوي

البيانات

متغيرات العصر العباسي وأثرها في الأدب

 

العصر العباسی (۱۳۲ - 656هـ) : 

قامت الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية نتيجة الثورات المتواصلة التي أدت إلى ضعفها وسقوط أخر الخلفاء الأمويين في المشرق في معركة الزاب شمالي العراق سنة ۱۳۲ هـ . وينتسب العباسيون إلى جدهم العباس بن عبد المطلب عم النبي ، وامتد حكم العباسيين ما يزيد على خمسة قرون ، وانتهت عندما قضی عليها المغول بسقوط بغداد عاصمة الخلافة سنة 656 هـ. أما أبرز منغيرات هذا العصر فهي

ا- المتغيرات السياسية

- صارت بغداد عاصمة الدولة العباسية بدلا من دمشق، وازدهرت الحياة فيها، وصار يؤمها الناس من كل مكان .

- غلب الطابع غير العربي على الدولة واعتمد على الفرس في إدارة الحكم في فترة الخلفاء الأوائل ( تسمى هذه الفترة العصر العباسي الأول)، وقد أخذ العباسيون عن الفرس نظام الوزارة وبعض أنظمة الحكم و أسلوب الحياة، ثم حدث تحول كبير مع بداية حكم المعتصم حين بدأ في الاعتماد على الترك في إدارة الدولة بدلا من الفرس ( من بداية حكم المعتصم اصطلح على تسمية العصر بالعصر العباسي الثاني ).

شهدت الدولة العباسية أدوارا متعددة منها :

أ- دور القوة المركزية ( 123 - 233 هـ ) : كانت الخلافة فيها ذات هيبة ومنعة، وشهدت ازدهارا عظيما ونهضة شاملة في جميع مناحي الحياة، ولا سيما في عهدي الرشيد والمامون

ب- دور الجندية ( 233 - 334 هـ ) : وفيه ضعف بعض الخلفاء مع بقائهم في رأس السلطة، أما مقاليد الأمور فهي للحجاب والوزراء والجند، وشاع في هذه الفترة التعسف وانتشرت الفوضى والفتن والثورات .

ج- دور الإمارات والدويلات ( ۳۳۰- 656هـ ) ، وفيه قامت دويلات مستقلة عن الخلافة العباسية في جام ومنها : الدولة الحمدانية في الشام والعبيدية والأخشيدية في مصر والبويهية في العراق.

وعلى حين كانت السياسة تتقلب في أطوارها المتباينة كان الأدب يسير سيرا مطردا تغذوه الحضارة والثقافة والآفاق الجديدة التي تفتحت أمامه من كل صوب .

وكانت هذه الأطوار والتقلبات والفتن والصراعات والاحتكاك بالمدنيات العالمية وقيام دور الثقافة وحركة التدوين والترجمة وما صحبها من تشجيع الخلفاء والأمراء للأدباء والعلماء روافد ثرية للأدب بشعره ونثره ، تأثر بها إلى حد بعيد في مادته ومضامينه وأساليبه وتعدد أغراضه .

۲ - المتغيرات الاجتماعية :

على المستوى الاجتماعي يمكن القول : إن المجتمع في العصر العباسي كان مجتمع قوميات تعاقبت عليها العصور والأجيال ، فانصهرت وذابت في المجتمع العربي المسلم فتد بنت بدينه وتحدثت لغته ، ولم يعرف كثير من أبناء أولئك الأقوام لغة غير العربية ، وتسمى الناس بأسماء العرب بل إن بعضهم نسب نفسه للقبيلة العربية، وتعلموا علوم الدين والرواية واللغة والفلسفة ، ودرسوا بها وبرعوا إلى أن تفوقوا على كثير من أصحابها من العلماء العرب، وقد ألفوا فيها مؤلفات عظيمة بقيت خالدة على مر الأزمان.

وكانت غالبية المجتمع من ذوي الأصول العربية أو الأعجمية متدينة ومتمسكة بالفرائض ومقيمة لشعائر الإسلام مبغضة لما وجد من حياة المجون والزندقة

وقد شهد العصر تراجعا نسبيا لسلطان القبيلة، وربما حلت القومية عند البعض محل القبيلة، كما لم تعد الناس ترغب حياة البادية وشظفها ؛ إذ رقت حياة الناس الاجتماعية، وغلب عليها بشكل عام حياة الرخاء والترف، لكن ذلك لا يمنع من وجود طبقات في المجتمع: طبقة تنعم بالرخام وسعة العيشة وطبقات متوسطة وطبقات أخرى کادحة.

وقد ازدادت حركة العمران وبنيت القصور الفاخرة والمساجد الفخمة، ومال البعض إلى اللهو والصيد واللعب، كما ازدهر الغناء وكثر الموسيقيون وتطورت آلاتهم وألحانهم. ويمكن إيجاز أثر المتغيرات الاجتماعية في الأدب على النحو الآتي : 

أ- ظهور أثر الإقليمية في الأدب :

ظهر في العهد العباسي ما يمكن أن يسمي أدب الأقاليم الذي تتجلى فيه آثار الشخصية الإقليمية بوضوح، ففي حلب ظهرت الخطب الدينية؛ لكثرة الغزوات والحروب التي كان يشنها سيف الدولة على الروم، وتحلى الشعر الشامي بالفصاحة والصفاء لقرب الشعراء من عرب الجزيرة واتصالهم بهم، أما أهل العراق فظهر أثر الفلسفة على أشعارهم ، كما ظهر في أدبهم شيء من الضعف؛ بسبب كثرة تواصلهم مع الأعاجم.

ب- تنوع الأدب بين التقليد والتجديد :

يتأثر الأدب بالأوضاع الجديدة، التي انتشرت في أرجاء الدولة، فابتعد عن البداوة ، وما يصحبها من تقلید، واكتسب من الحركة العلمية معاني وطرقا جديدة في نظم الأفكار ، وعالج قضايا فكرية ودينية، وأثر جو الترف ، فظهرت أغراض شعرية تصف ذلك، ومقابل موجة الترف ظهرت موجة الوعاظ والزهاد.

كل ذلك أبقى الأدب التقليدي بدوافعه المعروفة وأنواعه وأغراضه التقليدية، وفي المقابل ولد الأدب الذي ينزع إلى الثورة على الأعراف القديمة في الأدب، وينزع إلى الشعبية ووصف الواقع كما هو ، ويهتم بالتجديد في مضامين الأدب وأغراضه وأساليبه .

٣- المتغيرات الفكرية والثقافية :

أما على المستوى الفكري فيعد العصر العباسي علامة فارقة في نشاط المسلمين العلمي والفكري ، ويمثل أزهی عصور الحضارة العربية والإسلامية في هذا الشأن، وتزامن هذا النشاط مع اتساع الدولة وقوتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ، فكانت بحق دولة العلم والمدنية التي لا تنافس في عصرها. ومن الشواهد الموجزة على ذلك ما يأتي :

- تدوين الحديث النبوي، فكتب الصحاح والمسائيد والسن كلها دونت في هذا العصر.

- ظهور المذاهب الفقهية الأربعة الكبرى على أيدي أئمتها أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، كما جمعت فيه السيرة النبوية الشريفة ودونت، واهتم العلماء بالتفسير وعلوم القرآن ومصطلح الحديث وأصول الفقه

- اتساع علوم العربية اتساعاً نتج عنه جمع المال اللغة ، وأشعارها القديمة والحديثة ، ووضعت قواعد اللغة والنحو العربي الذي تبارى العلماء في إجادته والتوسع فيه ، وازدهرت في هذا العصر بعض علوم العربية كالبلاغة والنقد وفقه اللغة

- ازدهار حركة التدوين ، وانتشار العلم بانتشار المدارس ووفرة العلماء ونشاطهم ودعم الخلفاء والأمراء لهم.

- اتصال الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات الأجنبية اتصالاً خصباً مثمراً استوعب ما طوي فيها من معارف وعلوم ، وكان هذا الاتصال يتم بطريقين : طريق المشافهة مع المستعربين ، وطريق النقل والترجمة ، وكان الطريق الثاني أكثر تأثيراً في تاريخ الثقافة العربية ، وأهم تلك الثقافات هي : اليونانية والفارسية والهندية.

- كان الخلفاء العباسيون يعنون بالترجمة عناية واسعة، وينفقون عليها الأموال الطائلة، ويعد الخليفة المنصور " أول من شجع على الترجمة حيث نقلت في عهده كتب كثيرة في الفلك والهندسة والحساب والمنطق والطب، كما نشطت الترجمة في عهد الرشید نشاطا واسعا، وقد أذکی جذوتها حينئذ إنشاء دار الحكمة، وهي دار عامة للكتب وظف فيها عدد كبير من المترجمين.

وبلغت الترجمة ذروتها في عهد المأمون ؛ إذ حول دار الحكمة إلى ما يشبه معهدا علميا كبيراً ، وجعل من مهام هذه الدار إرسال البعوث إلى بلاد الروم لجلب أنفس ما في خزائنها لترجمتها.

- نشطت علوم التاريخ والطب والكيمياء والفكر الفلسفي المذهبي والموسيقى والرسم والهندسة والبناء وغيرها من العلوم مما يطول التفصيل فيه.

وهذه الحركة الثقافية الفكرية تركت أثراً كبيراً في الأدب ومن ذلك : 

- تدوين الأدب بعد أن كان قائما على الرواية . 

- التعبير بتحضر ونظر عمیق وفكر فلسفي. 

- تغليب جانب العقل على العاطفة . 

- ظهور الصنعة فيه أكثر من الطبع . 

- شیوع نزعة الجدل وتعليل الظواهر والابتكار، وكان ذلك في النثر أكثر منه في الشعر . 

- ظهور النقد ومقاييس الشعر ومقومات الجمال ، وقد كانت قبل ذلك تجري في طبائع الشعراء دون تقعيد .

 

شارك الملف

آخر الملفات المضافة